الزمان: صبيحة كل سبت،والمكان مديريات جنوب الخليل وجنين وقباطية وكليات التربية في جامعات الخليلوالقدس وبير زيت والنجاح، والشخوص معلمون فلسطينيون لمّا تزل أعينهم صوب المستقبلوكوادر وزارة التربية والتعليم العالي ممثلة بالمعهد الوطني للتدريب التربوي وكوادركليات التربية في الجامعات وهم يواصلون العمل المشترك لتوفير متطلبات إستراتيجيةإعداد المعلمين وتأهيلهم.
العدد الملتحق ببرامجالتأهيل للفصل الدراسي المنقضي 980 معلما/ة، وحجم الجهد المبذول لا يقتصر علىالرقم، فهناك تحضيرات وتنسيق وتطوير مجمعّات تدريبية، وإعداد لم يتوقّف، ومتابعاتمتواصلة، فالحديث يدور عن برنامجي تأهيل للصفوف من 1-4، ومن 5-10 وهما برنامجان يتوافقانفي الجوهر والمضمون ويختلفان في بعض التفاصيل لكن المحصلّة تقترن بسعي متواصل لجعلمرامي الإستراتيجية قابلة للتحقق، ويترافق ذلك مع برنامج خاص لتطوير قدرات مديريالمدارس وبالفعل شهد الشهر الماضي تخرّج 97 مديرا/ة من البرنامج ليحصلوا على شهادةالدبلوم المهني المتخصص في القيادة المدرسية في حين لا زال 200 مدير يواصلون تلقّيالتدريب على أن يشهد مطلع العام القادم 2014 التحاق 200 آخرين ببرنامج القيادة.
محاور عديدة تتقاطع بين برنامجي التأهيلوالقيادة المدرسية وهي نابعة من الترابط المنطقي بين طبيعة الدور الذي يقومالمديرون والمعلمون، فالتخطيط حاضر هنا وهناك، ومتابعة عملية التعلم، والنموالمهني، وتوظيف التكنولوجيا كلها باتت منطلقات رئيسة للمجالين الفني والإداري،وبروزها في كلال البرنامجين يعزز التطوير الشامل، ويعكس رؤية واعدة للمدرسة التينريد حسب رأي د.شهناز الفار مدير عام المعهد الوطني للتدريب التربوي.
عودةلبرامج تأهيل المعلمين، إذ كان الهدف بداية الأمر التأهيل في حدّ ذاته، رويدارويدا تبلورت الملامح، برزت الكفايات، وتوافرت فرصة لتبادل الخبرات وطنياودوليا..وطرأ تغيّر ملموس في طبيعة العلاقة والتكامل بين وزارة التربية وكليات التربيةفي الجامعات.. لنكون أمام ما هو أكثر من مجرّد برنامج.
البداياتتعود إلى ما تضمنته الخطة الخمسية الحالية لوزارة التربية والتعليم العالي منتركيزعلى تحسين نوعية التعليم، وهو ما عكسته الأهداف الرئيسة للخطّة متمثّلة في: رفعكفاءة النظام التعليمي في استخدامه للموارد البشرية والمالية، وتحسين نوعيةالتعليم والتعلم في المدارس الفلسطينية، وزيادة ارتباط التعليم باحتياجات سوقالعمل، وبما يتناغم وقناعة الوزارة بمركزية دور المعلم في تحديد نوعية التعليمالمدرسي وفاعليته، واعتبارها إصلاح نظام إعداد المعلمين وتأهيلهم العنصر الأكثرأهمية في الخطة الخمسية الإستراتيجية، ما توّج حينها بتطوير الإستراتيجية الوطنيةلتأهيل المعلمين، فالإستراتيجيّة بمثابة برنامج طموح ومدروس وضروري لإدارة اعتمادتأهيل المعلمين وإصلاحه في مستويات ما قبل وأثناء الخدمة والتطور المهني المستمر، ما جعلها خريطة طريق واضحة لتطوير مهنة التعليمبما يتيح انسجام عمليتي التعليم وتأهيل المعلمين مع الممارسات الدولية الجيدة.
إستراتيجيةطموحة بأهداف طموحة، أوجز د.بصري صالح الوكيل المساعد لشئون التخطيط والتطويرفي الوزارةأبرز أهدافها بتحسين برامج إعداد وتأهيل المعلمين،وبتطوير المؤسسات التي تقدمها، والسعي لتحقيق إدارة أفضللنظام إعداد وتأهيل المعلمين عبر اعتماد منتظم لبرامج إعداد المعلمينوتأهيلهم، ووضع معايير تنظّم المهنة وإجازة المعلمين منوهّا إلى أن الإستراتيجية أولت اهتماما خاصا ببذل الجهود لرفع مستوى عدد كبير من المعلمين لتمكينهم منتلبية المتطلبات الجديدة للحصول على إجازة معلم.
في هذا الإطار –والحديثلدكتور بصري- وبتزامن مع برامج إعداد المعلمين جاءت برامج تأهيل المعلمين أثناءالخدمة، وبضمنها برنامج تأهيل معلمّي الصفوف 1-4 بدعم من البنك الدولي بهدف تحسين نوعية التعليم،وجعل الممارسة المدرسية جزءا لا يتجزّأ من برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة، وتوفير برامج لرفع مستوى المعلمينغير الحاصلين على مؤهل تربوي(وتقدّر نسبتهم بـ75% ضمن النظامالتعليمي).
ويستعرض هذا التقرير بإطلالة متأنيّة برامجتأهيل معلمي الصفوف 1-4، و5-10 المنفذيّن في الوزارة من خلال المعهد الوطنيللتدريب التربوي بعد أن شهد العام الدراسي الماضي انتهاء التدريب للفوج الأول منالمعلمين وعددهم370 معلما/ة في الجامعات المذكورة، وبدء تدريب 97 معلما/ة في جامعةالأزهر، وتصل الجهود ذروتها يوم السابع من أيلول حين يشهد تدريب 980 معلما/ة فيكلا البرنامجين، على أن يتم إفراد حلقة خاصة لبرنامج الدلبلوم المهني المتخصص فيالقيادة المدرسية.
بمزيد من التحديد فإن برنامج1-4 قائم علىمجمعّات مبنيّة علىمجموعة واسعة من الكفايات، وحفلت المرحلة الأولىمنه بمقابلات، وحصص مسجلة بالفيديو، وملاحظات مباشرة للحصص تشير إلى أنالمساقات- حسب رأي خبراء دوليين متابعين- تترك تأثيرا على التفكير التربويوالممارسات التعليمية للملتحقين، وتعزّز وجود مواقف أكثر انفتاحا وميلا للبحث نحوالتدريس لديهم وهو ما عكسه قيام معلمين ملتحقين بالبرنامج بمقارنة تجاربهم والسماحبمشاهدة زملائهم لحصصهم المسجلة بالفيديو، وزيادة الاتصال والنقاش وتقاسم المواردبين المشاركين باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخدمات غرف الدردشة، وفياستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتسليم"الواجبات المنزلية"،وتبادل الوثائق أخرى.(فنسبة تسليم الواجبات الكترونيأ بلغت 100٪ في إحدى الجامعات).
معالي الوزير أ.د علي أبو زهري وفي حديثهقبل أيام خلال تخريج مديري مدارس أنهوا متطلبات الدبلوم المهني المتخصص في القيادةالمدرسية؛ جدّد التزامه وكادر الوزارة بمواصلة المساعي لتطوير نوعية التعليموبالتطوير الشمولي للمدرسة، معتبرا النمو المهني للعاملين من مديري مدارس ومعلمينأحد أبرز أولويات العمل في الوزارة على المدى القريب، ومؤكدا أن المعلم المؤهلضمانة إنجاح أيّة توجهّات تتبناها الوزارة، ليشكّل هذا الالتزام مؤشرا من مؤشراتالسير وفق الخطة الموضوعة، والهادفة إلى إعلاء شأن الاهتمام بعمليتي التعلموالتعليم وهو المحور الذي يجسّد القاسم المشترك بين برامج تدريب المديرين وتأهيلالمعلمين، لافتا إلى أن أبرز مقومّات تطوير المناهج تتمثل في وجود معلّم قادر علىاستلهام متطلبات أي تطوير ليتعاطى معها بإبداع .
نقاطكثيرة أبداها المعلمون خلال زيارات المتابعة، فالتزامهم بالدوام أيام السبت برهناستعدادهم للتضحية بوقت الفراغ لحضور محاضرات أو ورش عمل خاصة بالبرنامج بل وتزايدطلب المعلمين الآخرين لإلحاقهم بالبرنامج، وارتأى عدد من الملتحقين الحاليينبالبرنامج وجوب جعله في متناول جميع المعلمين الفلسطينيين، وجاء التحاق 3 ممنأنهوا البرنامج ببرنامج الماجستير في جامعة النجاح ليؤكّد أن انتظار جني ما عززّهالبرنامج من نزوع للنمو المهني لم يطل. ومن منظور تسويقي- والحديث لخبراءتربويين دوليين-، فقد تجاوز تأثير البرنامج حتى الآن التوقعات ويحمل بشائر خيرللمستقبل، والنهجالمعتمد في هذه المشاريع والدروس المستفادة من التنفيذ قد تشكّل نموذجا يستحقالاهتمام والاستئناس به في التدخلات المستقبلية الرامية إلى إصلاح التعليم.
لكن التجديد –حسب رأي د.شهناز الفار مدير عام المعهدالوطني للتدريب التربوي- لم يقتصر على محاور التدريب إذ طال المنهجيات سواءأتعلّق الأمر بلقاءات وجاهية في الجامعات المشاركة، أولقاءات وجاهية في المدارس، أوحلقاتتعلم، أومتابعة المعلمين في مدارسهم، أومتابعتهم عبر بيئة موودل، وشمل أيضا أساليبتعليمية وتقيميه نوعية وحديثة وغير تقليدية (مثل: دراسة الحالة والمشاريعوالمناقشة والتأمل الذاتي وأفلام الفيديو)، واكتسب شمولية التعاطي مع تحديدالاحتياجات التدريبية للمعلمين المستهدفين من خلال تطبيق أادوات شملت إعداداستبانة تحديد الاحتياجات التدريبية بالاستناد على الكفايات الفلسطينية للمعلمين غير المؤهلين، وعقدمجموعات بؤرية بمشاركة معلمين ومديري مدارس ومشرفي مرحلة أساسية، وتصوير حصص صفيةلعينة من معلمي الصفوف من 1-4 من مختلف المديريات، وزيارة مؤسسات التعليم العاليذات الصلة في تأهيل المعلمين.
وتؤكد الفار أن المجالات التربوية للكفايات التعليمية تتمثل في تسهيلعملية التعليم والتعلم المتمركز حول المتعلم، وتفعيل الشراكة داخل المدرسةوخارجها، والمتابعة والتقويم لعملية التعليم والتعلم ومخرجاتها، والسعي المستمرللتطور المهني، والمشاركة في توفير بيئة تعلمية فعالة وآمنة، وتصميم المصادروالمواد التعليمية التعلمية، والإرشاد والتوجيه للمتعلمين، وكلها أطر رئيسة في المدرسة التي نريد وفي المعلم الذي نتوّخى،منوهّة إلى أن البرنامج يندرج في إطار رؤية تستهدف الوصول إلى المدرسة الفلسطينيةالفاعلة بعد أن باتت معايير المدرسة الفاعلة مادة رئيسة من مواد تدريب المديرين،وبعد أن شهدت برامج التدريب إشراكا للمعلمين من فرق التطوير في المدارس ما زادمستوى التناغم بين ذوي العلاقة.
ويبرز توحيد الرؤية بين الوزارة وكليات التربية منالجامعات كإنجاز لا يمكن التغاضي عنه، فقد كشفت ورش العمل المشتركة بين الطرفين عنتقليل الفجوة بين رؤية الطرفين، بل والتوافق والتكامل في وجهات النظر حيال أنجعالسبل والآليات، وهذا ما جسدتّه ورشة العمل التنسيقية التحضيرية قبل أيام.
في سياق متصل، يبرز برنامج تأهيل معلمي الصفوف من(5-10) الذي تبنتهالوزارة لتأهيل (2500) معلم/ة يعلّمون الصفوف(5-10) موزعين على(16) مديرية، ممّنيحملون شهادة البكالوريوس في تخصصات اللغة العربية، والرياضيات، والعلوم، واللغةالإنجليزية، والتكنولوجيا، ولا يحملون مؤهلاً تربوياً، وأعمارهم لا تزيد عن خمسينعاماً، وبتحديد أكثر فإن تطوير قدرات(2500) معلم/ة في مجال تحسين الممارساتالتعليمية داخل غرفة الصف، والارتقاء بمؤهلاتهم إلى ما يعادل رخصة تعليم، وإعدادمجمعات تدريبية متكاملة تستخدم لتأهيل جميع معلمي الصفوف من(5-10) ممن لا يحملونمؤهلاً تربوياً، ودعم المدارس ببعض المصادر اللازمة لتفعيل استخدام التكنولوجيا فيالتعليم كالحواسيب والمستلزمات اللازمة لشبك المدرسة بالإنترنت، كلها أهداف حضرت،وبدأت معالم تحققها بالحضور، فقد انطلق برنامج تدريب المعلمين مطلع آذار المنصرم،وحفلت آخر الأيام ببشرى شبك 1000 مدرسة بالانترنت بتعاون بين الوزارة وشركةالاتصالات الفلسطينية ما اعتبره د. صالح خطوة نوعية لتوفير كل متطلبات التحسينالمدرسي.
أماطبيعة البرنامج، فهو برنامج تدريبي لتأهيل المعلين ينتهي بشهادة تعليم معتمدة،وينفذ على مدار عام، بواقع360 ساعة تدريبية، منها حوالي(30%) لقاءات وجاهية نظريةوتطبيقية، و70% عمليّة في الميدان مع متابعة، وييهدف البرنامج إلى تطوير كفاياتالمشاركين لتعزيز التعلّم المتمركز حول المتعلم، وتصميم وتوظيف تقنيات متنوعةلمتابعة عمليتي التعليم والتعلّم وتقويمهما، ودعم التطور المهني المستمر.
ويتكونالبرنامج من(12) وحدة تدريبية تعتمد أسلوب التعلّم المبني على الخبرة وبما يتوافقوالمعايير الوطنية والمجالات التربوية الفلسطينية المبنية على الكفايات ذاتها التيتمّ تبنيها في برنامج تأهيل معلمّي الصفوف 1-4، والتقاطع ما بين البرنامجين يطالالمنهجيات ذاتها، وثمّة ترابط بين مخرجات البرنامج ومتطلبات الإستراتيجية علىاعتبار أنه يتيح للمعلم إمكانية الانتقال من رتبة معلّم غير مؤهل إلى رتبة معلّممؤهل، يمكنه التنافس على الرتب الأعلى للمعلمين وفقاً لهيئة تطوير مهنة التعليمحال اعتمادها من الحكومة.
خلاصةالقول يجملها د.بصري صالح باعتباره أن ما تحقق حتى الآن في مجالي إعدادالمعلمين وتأهيلهم يرفع سقف توقعات الوزارة من تحقيق ما سعت إليه الإستراتيجية،وهو يوفّر أرضية يمكن البناء عليها والانطلاق منها في مضي الوزارة قدما في عديدالبرامج المتبنّاة، فمؤخرا-مثلا- أبرمت الوزارة مع الاتصالات اتفاقية شبك 1000مدرسة بالانترنت... ومحور توظيف التكنولوجيا حاضر في برامج الإعداد والتأهيل...ولذا فإن الوزارة تتعاطى مع برامج الإعداد والتأهيل برؤية شمولية .. وعليها تعوّلفي إحداث الفارق المنشود.